الثلاثاء، أبريل 09، 2013

اباطرة هذا الزمان– مقال من ذهب

مقال من ذهب
اباطرة هذا الزمان– مقال من ذهب
أتصدق إذا قلت لك إنك تعيش حياة أكثر بذخا من حياة كسرى أنو شروان
و إنك أكثر ترفا من امبراطور فارس و قيصر الرومان.و فرعون مصر.. ولكنها الحقيقة

إن أقصى ما استطاع فرعون مصر أن يقتنيه من وسائل النقل كان عربة كارو يجرها حصان
وأنت عندك عربة خاصة، وتستطيع أن تركب قطارا، وتحجز مقعدا في طائرة
وإمبراطور فارس كان يضيء قصره بالشموع وقناديل الزيت.. وأنت تضيء بيتك بالكهرباء
وقيصر الرومان كان يشرب من السقا.. ويحمل إليه الماء في القرب
وأنت تشرب مياها مرشحة من حنفيات ويجري إليك الماء في أنابيب
والإمبراطور غليوم كان عنده أراجوز
وأنت عندك تليفزيون يسليك بمليون أراجوز
ولويس الرابع عشر كان عنده طباخ يقدم أفخر أصناف المطبخ الفرنسي
وأنت لديك خيار أختيار المطعم ونوعية الاكل اوشراء من المحال مايطيب لك
ومراوح ريش النعام التي كان يروح بها الخدم على وجه الخليفة في قيظ الصيف
عندك الآن مكانها مكيفات هواء تحول بيتك إلى جنة بلمسة سحرية لزر كهربائي
أنت إمبراطور, وكل هؤلاء الأباطرة جرابيع وهلافيت بالنسبة لك
ولكن يبدو أننا أباطرة أغبياء جدا.. ولهذا فنحن تعساء جدا برغم النعم التي نمرح فيها
فمن عنده سياره لا يستمتع بها، و إنما ينظر في حسد لمن عنده سيارتان
ومن عنده سيارتان يبكي على حاله، لأن جاره يمتلك بيتا
ومن عنده بيت يكاد يموت من الحقد والغيرة لأن فلان لديه عقارات
ومن عنده زوجة جميلة يتركها وينظر إلى زوجة جاره..
وفي النهاية يسرق بعضنا بعضا، ويقتل بعضنا بعضا حقدا وحسدا
ثم نلقي بقنبلة ذرية على كل هذا الرخاء.. و نشعل النار بالم في بيوتنا
ثم نصرخ بأنه لا توجد عدالة اجتماعية.. و يحطم الطلبة الجامعات
و يحطم العمال المصانع..و الحقد – و ليس العدالة – هو الدافع الحقيقي وراء كل الحروب
و مهما تحقق الرخاء للأفراد فسوف يقتل بعضهم بعضا، لأن كل واحد لن ينظر إلى ما في يده،
و إنما إلى ما في يد غيره، و لن يتساوى الناس أبدا.
فإذا ارتفع راتبك ضعفين فسوف تنظر إلى من ارتفع أجره ثلاثة أضعاف
و سوف تثور و تحتج، و تنفق راتبك في شراء مسدسات
لقد أصبحنا أباطرة.. هذا صحيح.. و لكننا مازلنا نفكر بغرائز ليست انسانيه
تقدمنا كمدينة و تأخرنا كحضارة.. ارتقى الإنسان في معيشته.. و تخلف في محبته..
أنت إمبراطور.. هذا صحيح.. و لكنك أتعس إمبراطور
إلا من رحمه الله بالرضى
وعز من قال
(وقليل من عبادي الشكور)
د/ مصطفى محمود 
 

تعريف بسيط عن الدكتور مصطفى محمود 

هو مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ (من الأشراف) ينتهى نسبه إلى علي زين العابدين (رضى الله عنه) وكان توأما لأخ توفى فى نفس العام ؛ وعاش مصطفى فى مدينة طنطا فى جوار مسجد السيد البدوى (أحد مزارات الصوفية) ؛ ولعل هذا ما جعل التصوف يترك عليه مسحة امتدت معه طوال حياته.
بدأ حياته مصطفى محمود متفوقا فى الدراسة حتى ضربه مدرس للغة العربية ؛ فاكتأب ورفض الذهاب إلى المدرسة ثلاث سنوات وما إن رحل ذلك المدرس عن مدرسته ؛ حتى عاد مصطفى وبدأت تظهر موهبته وتفوقه وحبه للعلم.
وفى منزل والده أنشأ معملا صغيرا ، أخذ يصنع فيه الصابون والمبيدات الحشرية لقتل الصراصير ؛ ثم يقوم بتشريحها وفيما بعد (حين التحق بكلية الطب) اشتهر بـ "المشرحجي" ، نظرا لوقوفه طول اليوم أمام أجساد الموتى ؛ طارحا التساؤلات حول سر الحياة والموت وما بعدهما.
وعلى الرغم من احترافه الطب متخصصا فى جراحة المخ والأعصاب ؛ فإنه كان نابغا في الأدب منذ كان طالبا ؛ ونشرت له القصص القصيرة فى "مجلة روزاليوسف" ، وقد عمل بها لفترة عقب تخرجه ؛ مما دفعه لاحتراف الكتابة ؛ وعندما أصدر الرئيس عبد الناصر قرارا بمنع الجمع بين وظيفتين ، كان مصطفى محمود وقتها يجمع بين عضوية نقابتي الأطباء والصحافيين ؛ لذا قرر الاستغناء عن عضوية نقابة الأطباء ؛ وحرمان نفسه من ممارسة المهنة إلى الأبد مفضلا الانتماء إلى نقابة الصحفيين.
وعندما سئل ماذا يملك الطبيب من إمكانات تشجعه على أن يكون أدبيا وفنانا؟ أجاب بأن "للطب علاقة وثيقة بالحياة وأسرارها وخفاياها ؛ فالطبيب هو الوحيد الذي يحضر لحظة الميلاد والموت ؛ وهو الذي يضع يده على القلب ويعرف أسرار نبضه ؛ وكل الناس يخلعون ثيابهم وأسرارهم بين يدي الطبيب ، فهو الوحيد الذى يباشر الحياة عارية من جميع أقنعتها ، وبما أن الطب علم والأدب علم ؛ فالتكامل فى الحياة البشرية قضى بأنه لا غنى لأحدهما عن الآخر ؛ يعني الطب والأدب وكذلك الطبيب والأديب".
وفي عنفوان شبابه كان تيار المادية هو السائد ، وكان المثقفون يرفضون الغيبيات ؛ فكان من الطبيعى أن يتأثر مصطفى محمود بما حوله ؛ ولذلك كما يقول فى أحد كتبه: "أحتاج الأمر إلى ثلاثين سنة من الغرق في الكتب ؛ وآلاف الليالي من الخلوة والتأمل مع النفس وتقليب الفكر على كل وجه لأقطع الطرق الشائكة ؛ من الله والإنسان إلى لغز الحياة والموت ؛ إلى ما أكتب اليوم على درب اليقين".
وبالرغم من اعتقاد الكثيرين بأن مصطفى محمود أنكر وجود الله عز وجل ؛ فإن المشكلة الفلسفية الحقيقية التى كان يبحث عنها هى مشكلة الدين والحضارة أو العلم والإيمان ؛ وما بينهما من صراع متبادل أو تجاذب ؛ ففى كتابه "رحلتي من الشك إلى الإيمان" ترجم لحياته الزوجية قائلا :"إن زهوي بعقلي الذي بدأ يتفتح وإعجابى بموهبة الكلام ومقارنة الحجج التى تفردت بها ؛ كان هو الحافز ، وليس البحث عن الحقيقة ولا كشف الصواب ؛ لقد رفضت عبادة الله لأنى استغرقت فى عبادة نفسي ؛ وأعجبت بومضة النور التى بدأت تومض فى فكرى مع انفتاح الوعى وبداية الصحوة من مهد الطفولة".. وقد اقترب مصطفى محمود فى ذلك من الإمام الغزالى - رحمه الله - وما ذهب إليه فى كتابه "المنقذ من الضلال" .
ومع هذا العقل العلمي المادي ، بدأت رحلة مصطفى محمود فى عالم العقيدة ، وعلى الرغم من هذه الأرضية المادية التى انطلق منها ؛ فإنه لم يستطع أن ينفى وجود القوة الإلهية ؛ فيقول: "تصورت أن الله هو الطاقة الباطنة فى الكون ، التى تنظمه فى منظومات جميلة (من أحياء وجمادات وأراض وسماوات) هو الحركة التى كشفها العلم فى الذرة وفى الـ"بروتوبلازم" وفى الأفلاك ؛ هو الحيوية الخالقة الباطنة فى كل شئ".
وكما حدثنا الغزالى عن الأشهر الستة التى قضاها مريضا يعانى آلام الشك ؛ حتى هتف به هاتف باطنى أعاده إلى يقين الحقيقة العقلية ؛ وكشف له بهاء الحرية الروحية ؛ ومكنه من معرفة الله ؛ نجد مصطفى محمود يتحدث عن صوت الفطرة الذى حرره من سطوة العلم ؛ وأعفاه من عناء الجدل وقاده إلى معرفة الله ؛ وكان ذلك بعد أن تعلم فى كتب الطب أن النظرة العلمية هى الأساس الذى لا أساس سواه ؛ وأن الغيب لا حساب له فى الحكم العلمى ؛ وأن العلم ذاته هو عملية جمع شواهد واستخراج قوانين.
وهكذا كانت رحلة مصطفى محمود من الشك إلى اليقين تمهيدا لفض الاشتباك بين العلم والإيمان ؛ وجعله يوقف جزءا كبيرا من حياته فى مشروع واحد "العلم والإيمان" ؛ وسرد مراحل هذا المشروع من خلال 8 كتب ، ثم ترجمته إلى أرض الواقع وعرضه على التليفزيون المصرى.
سار مصطفى محمود على درب المفكر والأديب عباس محمود العقاد ليؤكد أن الإسلام منهج يهدف إلى التوازن بين الفرد والمجموع ؛ وليس إلى تذويب الأفراد فى المجموع كما فى الاشتراكية ؛ ولا إلى التضحية بالمجموع لصالح قلة من الأفراد كما فى الفكر الرأسمالي.
وانطلاقا من بحثه عن الحقيقة وإشباعا لشغفه بالنفس الإنسانية وبحثه عن المجهول ؛ تميز مصطفى محمود بفن قصصى خاص ؛ فبإمكاناته الفنية جمع بين إحساس الأديب وإدراك الفيلسوف ومزج هذين البعدين بأسلوب عصرى فيه عمق الفكره ودفء العبارة وفيه البصر الذى يوحى بالبصيرة ، والمادى الذى يؤدى إلى المعنوى ، والعبارة التى تلتقى بالرؤية كأروع ما يكون اللقاء.
وقد دخل مصطفى محمود فى حياته عدة معارك ؛ ووجهت إليه عدة اتهامات أهمها اتهام منتقديه له بأن مواقفه السياسية متضاربة ، تصل إلى حد التناقض فى بعض المواقف ، إلا أنه يؤكد أنه ليس فى موضع إتهام وأن اعترافه بأنه كان على غير صواب فى بعض مراحل حياته هو ضرب من ضروب الشجاعة والقدرة على نقد الذات ؛ وهذا شئ يفتقر إليه الكثيرون .
اتهامه بالكفر ؛ في نهاية الستينيات بعد سلسلة من المقالات ؛ وصدور كتابه "الله والإنسان" الذى تمت مصادرته وتقديمه بعدها للمحاكمة ؛ وقد اكتفت لجنة المحاكمة وقتها بمصادرة الكتاب دون حيثيات.
وقد اشتهر بهجومه المتواصل على الصهيونية ورأيه بأن اليهود وراء هذه الشبكة الأخطبوطية للفساد والإفساد فى العالم كله .
ونشر مصطفى محمود ، فى مقالاته ،أفكارا كثيرة كانت مثار جدل بين المثقفين ؛ كدعوته إلى علم النفس القرآني ، ويقصد به محاولة فهم النفس فهما جديدا مؤسسا على القرآن والسنة ؛ وهى بمثابة محاولة للخروج بعلم نفس إسلامى جديد ومثل تنبئه بسقوط الحضارة الغربية وإنهيار الرأسمالية وتوابعها دون أن يطلق المسلمون رصاصة واحدة ؛ بسبب الترف والتخمة وعبادة الشهوات والغرق فى الملذات ؛ كحضارات كثيرة ذكرها لنا التاريخ .
ومن أشهر معاركه تلك التي وقعت عام 2000 والمعروفة باسم "أزمة كتاب الشفاعة " لتثير الكثير من الجدل حوله وحول أفكاره.
ومن أهم كتبه : الإسلام فى خندق ، وزيارة للجنة والنار ، وعظماء الدنيا وعظماء الآخره ، وعلى نفس قرأنى جديد ، والإسلام السياسى والمعركة القادمة ، والمؤامرة الكبرى ، وعالم الأسرار ، وعلى حافة الانتحار ، والله والإنسان ، وأكل العيش ، وعنبر 7 ، وشلة الأنس ، ورائحة الدم ، وإبليس ، ولغز الموت ، ولغز الحياة ، والأحلام ، وأينشتين والنسبية .

رجل عاش حياته وراي النور بعد ان هداه الله
انا لله و انا اليه راجعون

0 التعليقات: